جاء في الأثر : ( تعلموا العلم ، وتعلموا للعلم السكينة والوقار ، وتواضعوا لِمن تتعلمون منه ) أخرجه الطبراني في الأوسط وابن عدي في الكامل . قال الإمام النووي رحمه الله : ينبغي للمتعلم أن يتواضع لِمُعلمه ويتأدبَ معه ، وإن كان أصغرَ منهُ سِناً وأقلَّ منهُ شهرةً ونسباً وصلاحاً ، فبِتواضعهِ يُدرك العلم ، وقد قالوا نـظماً :
العِلم حـربٌ للفـتـى المُتعـالي كالسيلِ حربٌ للمكان العالي
وقال سيدنا الإمام علي بن حسن العطاس نفع الله به : إن المحصولَ من العلم والفهم والنور ، على قدر الأدب مع الشيخ ، وعلى قدر ما يكون كِبَرُ مِقدارهِ عندكَ يكون ُ لك ذلك المقدار عند الله من غير شك . وكان الأمين والمأمون : ابنا هارون الرشيد يتبادران نعلي شيخهما الكسائي أيهما يُلبسهُ إياهما ، فيقولُ لهما عند ذلك : لكل واحدٍ واحدة . وقد روي في الحديث : ( آباؤكَ ثلاثة : أبوك الذي ولدك ، والذي زوَّجك ابنـته ، والذي علَّمك ، وهوَ أفضلهم )
وفي ذلك يقول القائل :
أُقـدِّمُ أسـتـاذي علـى بِــرِّ والدي وإن كان لي من والدي البِرُّ والعطفُ
فهذا مُربـي الروحِ والروحُ جوهرٌ وهذا مُربـي الجسمِ وهوَ لها صدْفُ
وكان أبو حنيفة  يقول : ما صليتُ صلاةً منذُ مات حماد ـــ يعني شيخه ـــ إلا استغفرت له مع والدي ، وإني لأستغفر لمن تعلمت منه عِلماً أو علَّمته . وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : كنتُ أتصفح الورقة بين يدي مالك رحمه الله صفحاً رقيقاً هيبةً لهُ لئلا يسمع وقعها . وقال الربيع صاحب الشافعي رضي الله عنهما : ما اجترأتُ أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ هيبةً لهُ . قال الإمام الشعراني رحمهُ الله تعالى : بلغنا عن الإمام النووي رحمه الله أنهُ دعاهُ يوماً شيخه الكمال الإربلي ليأكل معه ، فقال : يا سيدي أعفني من ذلك فإن لي عُذراً شرعياً فتركه ، فسأله بعض إخوانه : ما ذلك العذر ؟ فقال : أخافُ أن تسبقَ عين شيخي إلى لُقمةٍ فآكلها وأنا لا أشعر . رويَ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال : من حق المعلم عليك أن تسلم على الناس عامةً وتـخصهُ دونهم بتحية ، وأن تجلس أمامه ، ولا تُشيرنَّ عنده بيدك ، ولا تغمزنَّ بعينيك ، ولا تقولنَّ : قال فلان خلاف ما تقول ، ولا تغتابنَّ عندهُ أحداً ، ولا تُشاوِر جليسكَ في مجلسهِ ، ولا تأخذ بثوبهِ إذا قام ، ولا تُلحَّ عليهِ إذا كَسل ، ولا تُعرِض أي : لا تشبع من طول صحبته . ذكر ذلك الإمام النووي في كتابه ( التبيان ) . وقال أبو سهل الصعلوكي رحمه الله : عقوق الوالدين تـمحوهُ التوبة ، وعقوق الأستاذين لا يمحوهُ شئ البتة . نقلهُ النووي في ( تهذيبه ) . وكان سيدنا الإمام أحمد بن عمر الهندوان  يقول : إنما حُرموا العلم لقلة احترامهم لأهل العلم .