Kamis, 20 November 2014

IKHTILAF QOUL IMAM NAWAWI vs IMAM ROFI'I dan IMAM IBNU HAJAR vs IMAM ROMLI rohimahumullahu

لمطلب الأول: النووي والرافعي:
قد حصل الاتفاق بين الأئمة الأعلام من الشافعية على أن المعتمد ما اتفق عليه الشيخان؛ النووي والرافعي، فإن اختلفا؛ فالمعتمد ما قاله النووي -رحمه الله تعالى-، فإن وُِجد للرافعي ترجيح دون النووي؛ فهو المعتمد، ومحل هذا ما لم يجمع المتأخرون على أن ما قالاه سهو، وإلا؛ فالمعتمد حينئذٍ ما قاله المتأخرون، فإن لم يتعرض الشيخان لذلك الحكم فالكتب المتقدمة على الشيخين لا يعتمد على شيء منها إلا بعد الفحص والتحري حتى يغلب على الظن أنه المذهب.
قال في التحفة: هذا كله في حكمٍ لم يتعرض له الشيخان أو أحدهما، وإلا؛ فالذي أطبق عليه محققو المتأخرين ولم تزل مشايخنا يُوصُون به وينقلونه عن مشايخهم وهم عمَّن قبلهم، وهكذا فالمعتمد ما اتفقا عليه، أي ما لم يجمع متعقبو كلامهما على أنه سهو، فإن اختلفا فالمصنف، فإن وُجد للرافعي ترجيح دونه؛ فهو.
وفي فتح المعين: المعتمد في المذهب للحكم والفتوى ما اتفق عليه الشيخان، فما جزم به النووي فالرافعي، فما رجحه الأكثر فالأعلم والأورع.
أما الكتب المتقدمة على الشيخين؛ فلا يعتمد شيء منها إلا بعد مزيد الفحص والتحري، حتى يغلب على الظن أنه المذهب، ولا يغتر بتتابع كتب متعددة على حكم واحد، فإن هذه الكثرة قد تنتهي إلى واحد، ألا ترى أن أصحاب القفال أو الشيخ أبي حامد مع كثرتهم لا يفرعون ويؤصلون إلا على طريقته غالبًا وإن خالفت سائر الأصحاب، فتعين سبر كتبهم.
وفي المجموع: لا يجوز لمفتٍ على مذهب الشافعي إذا اعتمد النقل أن يكتفي بمصنف ومصنفين ونحوهما من كتب المتقدمين وأكثر المتأخرين لكثرة الاختلاف بينهم في الجزم والترجيح؛ لأن هذا المفتي المذكور إنما ينقل مذهب الشافعي، ولا يحصل له وثوق بأن ما في المصنفين المذكورين ونحوهما هو مذهب الشافعي أو الراجح منه؛ لما فيهما من الاختلاف، وهذا مما لا يتشكك فيه مَن له أدنى أنس بالمذهب، بل قد يجزم نحو عشرة من المصنفين بشيء وهو شاذ بالنسبة إلى الراجح في المذهب ومخالف لما عليه الجمهور، وربما خالف نص الشافعي أو نصوصًا له.
مراتب كتب النووي:
سبق أن ذكرنا كتب الإمام النووي، ونحن وإن قلنا بأن قول النووي هو المعتمد إلا أنه تواجهنا مشكلة تعارض كتبه، قال العلماء: هذه الكتب إذا اختلف بعضها عن بعض؛ قُدِّم:
1. كلام التحقيق.
2. ثم المجموع.
3. ثم التنقيح، وهذه الثلاثة لم يكملها الإمام النووي.
4. ثم يليها ما هو مختصر من كلام غيره كالروضة.
5. ثم المنهاج.
6. ثم فتاواه.
7. ثم شرح مسلم.
8. ثم تصحيح التنبيه.
9. ثم نكته.
قال في التحفة: الغالب تقديم ما هو متبع فيه كالتحقيق، فالمجموع، فالتنقيح، ثم ما هو مختصر فيه كالروضة، فالمنهاج، ففتاواه، فشرح مسلم، فتصحيح التنبيه، ونكته من أوائل تأليفه فهي مؤخرة عما ذكر.
ولا يُظن بأن هذا الترتيب قاعدة كلية فيسعى لتطبيقها دومًا في حكاية المذهب، بل هي قاعدة أغلبية، ومع هذا فلا يصح اعتمادها بهذه الصورة، بل لا بد من الرجوع إلى كلام معتمدي المتأخرين، قال في التحفة: وهذا -أي الترتيب السابق- تقريب، وإلا؛ فالواجب في الحقيقة عند تعارض هذه الكتب مراجعة كلام معتمدي المتأخرين واتباع ما رجحوه منها.
وفي حاشية الإيضاح لـ "حج": الحق أنه لا بد من نوع تفتيش، فإن كتب المصنف نفسه كثيرة الاختلاف فيما بينها، فلا يجوز لأحد أن يعتمد ما يراه في بعضها حتى ينظر في بقية كتبه أو أكثرها أو يعلم أن ذلك المحل قد أقره عليه شارحه أو المتكلم عليه الذي عادته حكاية الاختلاف بين كتبه وبيان المعتمد من غيره.
وزاد في حاشية الإيضاح: وما اتفق عليه الأكثر من كتبه مقدم على ما اتفق عليه الأقل منها غالبًا، وما كان في بابه مقدم على ما في غيره غالبًا أيضًا.
ومما ينبغي أن يعلم أن ما سبق إنما هو للعالم من مثل أصحاب الشروح والحواشي، أما الآن فالمقدم ما في المنهاج إلا ما نص المتأخرون على ضعفه، فليس معنى ما سبق أن يقرأ الطالب كتاب التحقيق ثم المجموع.. وهكذا، فهذا مما قد تجاوزته السنون؛ إذ قد استقر المذهب على تقديم المنهاج على سائر كتبه، ويستثنى من هذا ضعاف المسائل، ثم إذا لم توجد مسألة ما في المنهاج؛ فينظر كلام المتأخرين من أصحاب الشروح والحواشي، فإذا كان لهم كلام فهو المعتمد حسب ما سنبينه لاحقًا؛ لأنهم قد قاموا باستقراء هذه المسائل من كتب النووي وغيره.
اختيارات الإمام النووي:
سبق وقلنا بأن النووي يعتبر مجتهدًا في الفتوى، أي يصحح ما هو المذهب، وفي تصحيحه لا يذكر رأيه الخاص، بل قد يرجح للمذهب خلاف ما يعتقد رجحانه، والسبب أن المذهب نقل، بمعنى أنه عندما يرجح للمذهب أنه يخبر عن المعتمد فيه، وهذا بخلاف النظر في الأقوال والترجيح بالدليل.
قال العلماء: اختيارات الإمام النووي -رحمه الله- كلها ضعيفة من حيث المذهب وإن كانت قوية من حيث الدليل إلا اختياراته في الروضة، فإنها بمعنى الصحيح أو الراجح، إلا في اختياره عدم كراهة المشمس في الروضة، فهو ضعيف من جهة المذهب.
وللإمام النووي اختيارات كثيرة منها:
1. الوضوء من لحم الجزور، كما هو مذهب أحمد.
2. عدم كراهة الاستياك في رمضان مطلقًا، كما هو مذهب المزني وأكثر العلماء.
3. أن ابتداء مدة مسح الخف من حين يمسح بعد الحدث، وهو رواية عن أحمد وداود، قال النووي: وهو المختار الراجح دليلاً.
4. ذهب فيمن خلع خفيه أو انقضت مدته وهو على طهارة المسح أنه لا شيء عليه، لا غسل القدمين ولا غيره، بل طهارته صحيحة يصلي بها ما لم يحدث كما لو لم يخلع، وهذا المذهب محكي عن الحسن البصري وقتادة وسليمان بن حرب واختاره ابن المنذر، قال النووي: وهو المختار الأقوى.
5. جواز الجمع بين الصلاتين بعذر المرض.
6. حرمة وطء الحائض فقط دون المباشرة لما تحت السرة وأعلى من الركبة.
7. الاكتفاء بالمقارن العرفية للنية في الصلاة تبعًا للغزالي.
8. جواز تطويل الاعتدال بذكر غير ركن.
9. جواز بيع المعاطاة في كل ما يعده الناس بيعًا.
10. صحة المساقاة على الأشجار المثمرة، وهو قديم قول الشافعي.
11. حرمة النظر للأمرد.
وغيرها من الاختيارات..
بيد أنه ينبغي التنبيه هنا على مسألة مهمة يخطئ فيها بعض الطلبة؛ وهي أن اختيارات بعض علماء المذهب لأقوال خارجة عن المذهب لا يعني بالضرورة خروجهم أو عدم انتسابهم للمذهب، بل هم مع اختيارهم لتلك الأقوال باقون ضمن إطاره، يقلدون أو يرجحون أو يخرجون -كأصحاب الوجوه- وفق قواعد وأصول المذهب، وهم إذا خالفوا المذهب في مسائل فقد اعتمدوا عليه في غيرها من الأصول والفروع، ولا شك أن الأخيرة هي الكثيرة الغالبة، فاختيارات القفال الشاشي والقاضي الحسين والبغوي وابن خزيمة والنووي وغيرهم لا تخرجهم عن المذهب البتة، وتكون اختياراتهم أو مَن هو دونهم سببه قوة دليل أو طلب للتيسير على العامة والمستفتين، خاصة عندما يكون في المذهب تشديد ليس عليه دليل يصح، والمسألة طويلة أكتفي منها بهذا القدر.
المطلب الثاني: ابن حجر والرملي:
اختلف المتأخرون في أيهما المعتمد شرح ابن حجر أو الرملي على المنهاج؟ فذهب علماء مصر إلى اعتماد ما قاله الشيخ محمد الرملي في كتبه، خصوصًا في نهايته، حتى اشتهر عنهم أنهم أخذت عليهم العهود أن لا يقولوا إلا بقول الرملي! والسبب في اعتمادها تحري مؤلفها في النقل، وأنها قرئت عليه إلى آخرها من أربع مئة من العلماء، فنقدوها وصححوها، فبلغ صحتها إلى حد التواتر.
هذا: وقد تابع الرملي في أكثر ما يخالف فيه ابن حجر والده الشهاب الرملي. وذهب علماء حضرموت والشام والأكراد وداغستان وأكثر اليمن والحجاز إلى أن المعتمد ما قاله ابن حجر في كتبه؛ قال في الفوائد المدنية: وإنما قيدت بأكثر أهل اليمن؛ لأني وجدت في كلام بعضهم ترجيح مقالة الرملي في مواضع كثيرة. بيد أنه يمكن أن يقال بأن هذا ترجيح بسبب قوة المدرك، وهذا ما فعله بعض اليمنيين، بل استنكر بعضهم هذا القول من أن أهل اليمن يعتمدون قول الرملي.
وقال في الفوائد أيضًا: وأما أهل الحرمين؛ فكان في الأزمنة السابقة القول عندهم ما قاله ابن حجر، ثم صار السادة المصريون يردون إلى الحرمين في مجاوراتهم بهما، ويقررون لهم في دروسهم معتمد الجمال الرملي إلى أن فشا قوله فيهم حتى صار من له إحاطة بقول الجمال الرملي وابن حجر من أهل الحرمين يقرر قولهما من غير ترجيح بينهما.
وقد سبق أن ذكرنا أن كتب النووي قد تتعارض، وأنه رغم الترتيب السابق الذكر لهذه الكتب إلا أنه لا يصح الاعتماد على ذلك الترتيب في حكاية المذهب، بل المرجع إلى كلام معتمدي المتأخرين من أمثال الشارحين، ولكن تنشأ مشكلة أخرى هي ذاتها المشكلة التي واجهتنا مع كتب النووي، ويقال فيها ما يقال هنا، وهي أن كتب ابن حجر تتعارض كذلك، قال المتأخرون: إن اختلفت كتب "حج" فعلى الترتيب الآتي:
أولاً: التحفة، وقد اعتمدها المتأخرون ممن سبق ذكرهم لجملة أسباب هي:
1. ما فيها من إحاطة بنصوص الإمام.
2. تشبع المؤلف فيها.
3. قراءة المحققين لها الذين لا يحصون كثرة.
4. معرفته بالمدرك.
5. اعتماده ما عليه الشيخان.
بيد أن مما يؤخذ على التحفة ما ذكره الكردي في الفوائد المدنية حيث قال: رأيت في كتاب الصلاة من فتاوى السيد عمر البصري ما نصه: الشيخ ابن حجر بالغ في اختصار هذا الكتاب -يعني التحفة- إيثارًا للحرص على إفادة الطلبة بجميع الشوارد وتكثير الفوائد والفرائد، إلا أنه بلغ من الاختصار إلى حالة بحيث لا يمكن الخروج عن عهدة مطالعته إلا بعد تقدم الإحاطة بمنقول المتقدمين ومناقشات المتأخرين.
وقارن بعضهم بين الشرحين، فقال: الشيخ ابن حجر كثيرًا ما يرتبك في عبارته في الأبحاث التي تختلف فيها أنظار من قبله لقوة نظره، وتجد عبارة النهاية غالبًا -كالإمداد وفتح الجواد- رشيقة سهلة قريبة التناول.
ثانيًا: فتح الجواد.
ثالثًا: الإمداد.
رابعًا: شرح العباب المسمى بالإيعاب.
خامسًا: فتاواه.
وعزا بعضهم لعلي بن عبد الرحيم باكثير في منظومته في التقليد وما يتعلق به قوله:
وشاع ترجيح مقال ابن حجر***في يمن وفي الحجاز فاشتهر
وفي اختلاف كتبه في الرجح***الأخذ بالتحفة ثم الفتح
فأصله فشرحه العبابا***إذ رام فيه الجمع والإيعاب
وقد عزا الكردي في الفوائد هذه الأبيات إلى بعضهم، وعزا لعلي بن عبد الرحيم باكثير هذه الأبيات:
وشاع ترجيح مقال ابن حجر***في قطرنا على سواه فاستقر
وفي اختلاف كتب ابن حجر***الأخذ بالتحفة فالفتح حري
فأصله لا شرحه العبابا***لزومه الجمع به إيجاب
وحيث كان الشيخ زكريا***خالف ذا أو خالف الرملي
أو الخطيب قدم الشيخ أبو***يحيى لفضل فيه يوجب
محمد الرملي يكافي ابن حجر***فاختر إذا تخالفا بلا حذر
وإن يك الشيخ إذ الخطيب***مع واحد فكلهم مصيب
ولا ترجح بابن قاسم أحد***كما سبره أكابر عمد
واختلف مَن جاء بعد الهيتمي والرملي فيمن يعتمد قوله؛ هل يقتصر الأمر على الشيخين؛ الهيتمي والرملي، أم يتعداهما إلى غيرهما؟
فذهب البعض إلى عدم جواز الفتوى بما يخالف ابن حجر والرملي، بل بما يخالف التحفة والنهاية، قال في الفوائد المدنية: صار شيخنا المرحوم الشيخ سعيد سنبل المكي ومَن نحا نحوه يقررون أنه لا يجوز للمفتي أن يفتي بما يخالفهما، بل بما يخالف التحفة والنهاية وإن وافق بقية كتبهما، وفي ظني أني سمعته يقول: إن بعض الأئمة من الزمازمة تتبع كلام التحفة والنهاية فوجد ما فيهما عمدة مذهب الشافعي وزبدته.
وفي المسائل التي لم يتعرضا لها يفتى بكلام غيرهما على الترتيب التالي:
1. كلام شيخ الإسلام زكريا.
2. ثم بكلام الخطيب.
3. ثم بكلام حاشية الزيادي.
4. ثم بكلام حاشية ابن قاسم.
5. ثم بكلام عميرة.
6. ثم بكلام الشبراملسي.
7. ثم بكلام حاشية الحلبي.
8. ثم بكلام حاشية الشوبري.
9. ثم بكلام حاشية العناني.
هذا ما لم يخالفوا أصل المذهب، كقول بعضهم: لو نقلت صخرة من أرض عرفات إلى غيرها صح الوقوف عليها.
وجاء في فتاوى الشيخ أحمد الدمياطي ما نصه: فإن قلت: ما الذي يفتي به من الكتب وما المقدم منها، ومن الشراح والحواشي ككتب ابن حجر والرمليين وشيخ الإسلام والخطيب وابن قاسم والمحلي والزيادي والشبراملسي وابن زياد اليمني وغيرهم، فهل كتبهم معتمدة أو لا؟ وهل يجوز الأخذ بقول كل من المذكورين إذا اختلفوا أو لا؟ وإذا اختلفت كتب ابن حجر فما الذي يقدم منها؟
الجواب -كما يؤخذ من أجوبة العلامة الشيخ سعيد بن محمد سنبل المكي، والعمدة عليه-:
كل هذه الكتب معتمدة ومعول عليها، لكن مع مراعاة تقديم بعضها على بعض، والأخذ في العمل للنفس يجوز بالكل، وأما الإفتاء فيقدم منها عند الاختلاف التحفة والنهاية، فإن اختلفا فيخير المفتي بينهما إن لم يكن أهلاً للترجيح، فإن كان أهلاً له فيفتى بالراجح، ثم بعد ذلك شيخ الإسلام في شرحه الصغير على البهجة، ثم شرح المنهج له، لكن فيه مسائل ضعاف.
فإن اختلفت كتب ابن حجر مع بعضها؛ فالمقدم أولاً التحفة، ثم فتح الجواد، ثم الإمداد، ثم الفتاوى وشرح العباب سواء، لكن يقدم عليهما شرح بافضل.
وحواشي المتأخرين غالبًا موافقة للرملي فالفتوى بها معتبرة، فإن خالفت التحفة والنهاية؛ فلا يعول عليها.
وأعمد أهل الحواشي: الزيادي، ثم ابن قاسم، ثم عميرة، ثم بقيتهم، لكن لا يؤخذ بما خالفوا فيه أصول المذهب؛ كقول بعضهم: ولو نقلت صخرة من أرض عرفات إلى غيرها صح الوقوف عليها وليس كما قال. هذا ما قرره العلماء المتقدمون.
وقال المتأخرون: والذي يتعين اعتماده أن هؤلاء الأئمة المذكورين من أرباب الشروح والحواشي، كلهم إمام في المذهب يستمد بعضهم من بعض، فيجوز العمل والإفتاء والقضاء بقول كل منهم وإن خالف مَن سواه، ما لم يكن سهوًا أو غلطًا أو ضعيفًا ظاهر الضعف.
قال السيد عمر في فتاواه: والحاصل أن ما تقرر من التخيير لا محيد عنه في عصرنا هذا بالنسبة إلى أمثالنا القاصرين عن رتبة الترجيح؛ لأنا إذا بحثنا عن الأعلم بين الحيين لعسر علينا الوقوف، فكيف بين الميتين؟! فهذا هو الأحوط الأورع الذي درج عليه السلف الصالحون المشهود لهم بأنهم خير القرون.
وفي المسلك العدل حاشية شرح بافضل: ورفع للعلامة السيد عمر البصري سؤال من الإحساء فيما يختلف فيه ابن حجر والجمال الرملي، فما المعول عليه من الترجيحين؟
فأجاب: إن كان المفتي من أهل الترجيح أفتى بما ترجح عنده، قال: وإن لم يكن كذلك -كما هو الغالب في هذه الأعصار المتأخرة- فهو راوٍ لا غير، فيتخير في رواية أيهما شاء أو جميعًا أو بأيها من ترجيحات أجلاء المتأخرين.
واعلم أن صاحب النهاية في الربع الأول من النهاية يماشي الشيخ الخطيب الشربيني، ويوشح من التحفة ومن فوائد والده؛ ولهذا فأكثر مخالفات "مر" لـ "حج" بسبب متابعته لوالده الشهاب الرملي. ولذا تجد توافق عبارات المغني والنهاية والتحفة، وليس ذلك من باب وضع الحافر على الحافر كما قد يُتَوهم، وفي الثلاثة الأرباع يماشي التحفة ويوشح من غيرها.
وأما شرح الخطيب على المنهاج المسمى بـ (مغني المحتاج) فهو مجموع من شروح المنهاج مع توشيحه من فوائد من تصانيف شيخ الإسلام زكريا، ويستمد كثيرًا من كلام شيخه الشهاب الرملي ومن شرح ابن شهبة الكبير على المنهاج.
قال في الفوائد المدنية: والخطيب الشربيني لا يكاد يخرج عن كلام شيخه شيخ الإسلام والشهاب الرملي، لكن موافقته للشهاب أكثر من موافقته لشيخ الإسلام، وقال: وقد رزق الخطيب -رحمه الله تعالى- في كتبه الحلاوة في التعبير وإيضاح العبارة كما هو مشاهد محسوس في كلامه في كتبه.
والخطيب متقدم على ابن حجر فهو في مرتبة مشايخه؛ لأنه أقدم منه طبقة، والإمام ابن حجر يستمد كثيرًا في التحفة من حاشية شيخه ابن عبد الحق على شرح المنهج للجلال المحلي، وقد شرع "حج" في شرحه ثاني عشر محرم سنة ثمانٍ وخمسين وتسع مئة، ونقل عنه أنه فرغ من تسويد التحفة عشية خميس ليلة السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وتسع مئة.
وقال الخطيب الشربيني: إنه شرع في شرح المنهاج عام تسع مئة وتسعة وخمسين، ونقل عنه أنه فرغ منه سابع عشر جمادى الآخرة عام ثلاثة وستين وتسع مئة. وقال الجمال الرملي: إنه شرع في شرح المنهاج في شهر ذي القعدة سنة ثلاث وستين وتسع مئة، ونقل عنه أنه فرغ منه ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وتسع مئة.
وعُلِم من ذلك أن تأليف النهاية متأخر عن تأليف التحفة والمغني كما نص عليه "عش"، وأن تأليف المغني متأخر عن تأليف التحفة، وعُلِم أيضًا أن فترة تصنيف التحفة كانت أقل الفترات إذ كتبت فيما يزيد على العشرة أشهر، ويليها المغني إذ استمر تأليفه أزيد من أربع سنوات، ثم النهاية والتي كانت فترة تأليفها طويلة وصلت إلى حوالي عشر سنوات.
ومن هنا ندرك أمرين:
الأول: سبب اعتماد المصريين على النهاية أنها ألفت في فترة طويلة مكنت مؤلفها من التأني والتروي في التأليف ومراجعة ما يكتب إذ دام هذا عشر سنوات، في حين نجد أن التحفة لم تأخذ من مؤلفها سوى عشرة أشهر.
الثاني: نعلم سببًا آخر من أسباب تعقيد ألفاظ التحفة؛ إذ كتبها "حج" بسيلان ذهنه الفقهي، دون مراعاة كبيرة لمن بعده، إضافة إلى وقوعه في بعض الأوهام والأخطاء، واعتماده لبعض المسائل التي حقها التضعيف، سواءً مما في المنهاج أم خارجه، كما نبه على بعضها الكردي في الفوائد، إضافة إلى أنه بسبب سرعة التصنيف يبدو أنه لم يراجعه مراجعة دقيقة -وإن ذكروا قراءة المحققين عليه- ومراجعة حواشي التحفة تظهر ذلك بجلاء؛ مما أربك القراء بمن فيهم أصحاب الحواشي في مواضعَ التبس فيها عود الضمائر، ومعنى بعض الجمل التي اختل التركيب فيها نوعًا ما، ومع هذا كله يبقى للتحفة قيمتها وقدرها. 

http://islamacademy.net/media.php?Item_Id=8230&parentid=1568

Tidak ada komentar:

Posting Komentar

Qonun Asasi Nahdlatul 'Ulama

  MUQODDIMAH_QONUN_ASASI_NU (Pendahuluan Fondasi Dasar Jam'iyyah NU)   Jam'iyyah Nahdhotul 'Ulama' mempunyai garis...