Part 12
كتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر
المؤلف : أحمد بن محمد بن حجر المكي الهيتمي
قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ
وَالْمَرْجَانُ } قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَفَاؤُهُنَّ
كَصَفَاءِ الدُّرِّ الَّذِي فِي الْأَصْدَافِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ
الْأَيْدِي ، قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } قَالَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَيْرَاتُ الْأَخْلَاقِ حِسَانُ الْوُجُوهِ
، قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ : { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ } قَالَ رِقَّتُهُنَّ
كَرِقَّةِ الْجِلْدِ الَّذِي فِي دَاخِلِ الْبَيْضَةِ مِمَّا يَلِي
الْقِشْرَ ، قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ : { عُرُبًا أَتْرَابًا } قَالَ : هُنَّ اللَّوَاتِي
قُبِضْنَ فِي دَارِ الدُّنْيَا عَجَائِزَ رُمْصًا شُمْطًا خَلَقَهُنَّ
اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ الْكِبَرِ فَجَعَلَهُنَّ عَذَارَى .عُرُبًا مُتَعَشِّقَاتٍ مُتَحَبِّبَاتٍ أَتْرَابًا عَلَى مِيلَادٍ وَاحِدٍ .
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَنِسَاءُ الدُّنْيَا أَفْضَلُ أَمْ الْحُورُ الْعِينُ ؟ قَالَ : بَلْ نِسَاءُ الدُّنْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ كَفَضْلِ الظِّهَارَةِ عَلَى الْبِطَانَةِ ، قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَبِمَ ذَاكَ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِصَلَاتِهِمْ وَصِيَامِهِنَّ وَعِبَادَتِهِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَلْبَسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وُجُوهَهُنَّ النُّورَ وَأَجْسَادَهُنَّ الْحَرِيرَ ، بِيضُ الْأَلْوَانِ خُضْرُ الثِّيَابِ صُفْرُ الْحُلِيِّ مَجَامِرُهُنَّ الدُّرُّ وَأَمْشَاطُهُنَّ الذَّهَبُ يَقُلْنَ : أَلَا نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُوتُ أَبَدًا ، أَلَا وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ أَبَدًا ، أَلَا وَنَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظْعَنُ أَبَدًا ، أَلَا وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ أَبَدًا طُوبَى لِمَنْ كُنَّا لَهُ وَكَانَ لَنَا .
قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَرْأَةُ مِنَّا تَتَزَوَّجُ الزَّوْجَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ تَمُوتُ فَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَدْخُلُونَ مَعَهَا مَنْ يَكُونُ زَوْجُهَا مِنْهُمْ ؟ قَالَ : يَا أُمَّ سَلَمَةَ إنَّهَا تُخَيَّرُ فَتَخْتَارُ
أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا فَتَقُولُ : أَيْ رَبِّ إنَّ هَذَا كَانَ أَحْسَنَهُمْ مَعِي خُلُقًا فِي دَارِ الدُّنْيَا فَزَوِّجْنِيهِ ، يَا أُمَّ سَلَمَةَ ذَهَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } ، وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ تَخْيِيرِهَا الظَّاهِرُ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَا يُنَافِي قَوْلَ بَعْضِ أَئِمَّتِنَا إنَّهَا تَكُونُ لِآخِرِهِمْ لِأَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ مَحَلُّهُ فِيمَنْ مَاتَتْ لَا فِي عِصْمَةِ أَحَدٍ ، وَمَا قَالَهُ ذَلِكَ الْإِمَامُ فِيمَنْ مَاتَتْ فِي عِصْمَةِ إنْسَانٍ فَهِيَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَتْ لَا فِي عِصْمَةِ أَحَدٍ وَلَهَا أَزْوَاجٌ فَإِنَّ أَحَدًا لَيْسَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُمْ فَخُيِّرَتْ .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ : { إنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ مَا سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطُّ وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ : نَحْنُ الْخَيِّرَاتُ الْحِسَانُ أَزْوَاجُ قَوْمٍ كِرَامٍ يَنْظُرُونَ بِقُرَّةِ أَعْيَانٍ ، وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُتْنَهُ ، وَنَحْنُ الْآمِنَاتُ فَلَا نَخَفْنَهُ ، وَنَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظَعْنَهُ } .
وَمُسْلِمٌ : { إنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا فَيَرْجِعُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدْ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ : وَاَللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا فَيَقُولُونَ وَأَنْتُمْ وَاَللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا } .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ : إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَك فِي سُوقِ الْجَنَّةِ ، قَالَ سَعِيدٌ : أَوَ فِيهَا سُوقٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إذَا دَخَلُوهَا نَزَلُوا فِيهَا بِفَضْلِ أَعْمَالِهِمْ فَيُؤْذَنُ لَهُمْ فِي مِقْدَارِ
يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا فَيَزُورُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُبْرِزُ لَهُمْ عَرْشَهُ وَيَتَبَدَّى لَهُمْ فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَتُوضَعُ لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ وَمَنَابِرُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَمَنَابِرُ مِنْ يَاقُوتٍ وَمَنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَمَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ وَمَنَابِرُ مِنْ فِضَّةٍ ، وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ وَمَا فِيهِمْ دَنِيءٌ عَلَى كُثْبَانِ مِسْكٍ وَكَافُورٍ ، وَمَا يَرَوْنَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَرَاسِيِّ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَجْلِسًا .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ هَلْ تَتَمَارَوْنَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ؟ قُلْنَا لَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَلِكَ لَا تَتَمَارَوْنَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَبْقَى فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَحَدٌ إلَّا حَاضَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُحَاضَرَةً حَتَّى إنَّهُ لَيَقُولُ الرَّجُلُ أَلَا تَذْكُرَ يَا فُلَانُ يَوْمَ عَمِلْت كَذَا وَكَذَا يُذَكِّرُهُ بَعْضَ غَدَرَاتِهِ فِي الدُّنْيَا فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَلَمْ تَغْفِرْ لِي ؟ فَيَقُولُ : بَلَى فَبِسَعَةِ مَغْفِرَتِي بَلَغْت مَنْزِلَتَك هَذِهِ ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ غَشِيَتْهُمْ سَحَابَةٌ مِنْ فَوْقِهِمْ فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ طِيبًا لَمْ يَجِدُوا مِثْلَ رِيحِهِ شَيْئًا قَطُّ ، ثُمَّ يَقُولُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى : قُومُوا إلَى مَا أَعْدَدْت لَكُمْ مِنْ الْكَرَامَةِ فَخُذُوا مَا اشْتَهَيْتُمْ ، قَالَ : فَنَأْتِي سُوقًا قَدْ حَفَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فِيهِ مَا لَمْ تَنْظُرْ الْعُيُونُ إلَى مِثْلِهِ وَلَمْ تَسْمَعْ الْآذَانُ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى الْقُلُوبِ قَالَ : فَيُحْمَلُ لَنَا مَا اشْتَهَيْنَا لَيْسَ يُبَاعُ فِيهِ شَيْءٌ وَلَا يُشْتَرَى وَفِي ذَلِكَ السُّوقِ يَلْقَى أَهْلُ الْجَنَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، قَالَ : فَيُقْبِلُ الرَّجُلُ ذُو الْمَنْزِلَةِ الْمُرْتَفِعَةِ فَيَلْقَى مَنْ دُونَهُ وَمَا فِيهِمْ دَنِيءٌ فَيَرُوعُهُ مَا يَرَى عَلَيْهِ مِنْ اللِّبَاسِ فَمَا يَنْقَضِي آخِرُ حَدِيثِهِ حَتَّى يَتَمَثَّلَ لَهُ أَنَّ مَا عَلَيْهِ أَحْسَنُ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْزَنَ
فِيهَا ، ثُمَّ نَنْصَرِفُ إلَى مَنَازِلِنَا فَيَتَلَقَّانَا أَزْوَاجُنَا فَيَقُلْنَ مَرْحَبًا وَأَهْلًا لَقَدْ جِئْت وَإِنَّ بِك مِنْ الْجَمَالِ وَالطِّيبِ أَفْضَلَ مِمَّا فَارَقَتْنَا عَلَيْهِ ، فَيَقُولُ إنَّا جَالَسْنَا الْيَوْمَ رَبَّنَا الْجَبَّارَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَحِقُّنَا أَنْ نَنْقَلِبَ بِمِثْلِ مَا انْقَلَبْنَا } .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : { إنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا مَا يُبَاعُ فِيهَا وَلَا يُشْتَرَى لَيْسَ فِيهَا إلَّا الصُّوَرُ فَمَنْ أَحَبَّ صُورَةً مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ دَخَلَ فِيهَا } .
وَابُنُّ أَبِي الدُّنْيَا : { إنَّ مِنْ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ عَلَى الْمَطَايَا وَالنُّجُبِ ، وَأَنَّهُمْ يُؤْتَوْا إلَى الْجَنَّةِ بِخَيْلٍ مُسَرَّجَةٍ مُلَجَّمَةٍ لَا تَرُوثُ وَلَا تَبُولُ فَيَرْكَبُونَهَا حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ .
فَيَأْتِيهِمْ مِثْلُ السَّحَابَةِ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ فَيَقُولُونَ أَمْطِرِي عَلَيْنَا فَمَا يَزَالُ الْمَطَرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ فَوْقَ أَمَانِيِّهِمْ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا غَيْرَ مُؤْذِيَةٍ فَتَنْسِفُ كُثْبَانًا مِنْ الْمِسْكِ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ فَيَأْخُذُونَ ذَلِكَ الْمِسْكَ فِي نَوَاصِي خُيُولِهِمْ وَفِي مَفَارِقِهَا وَفِي رُءُوسِهِمْ وَلِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ جُمَّةٌ : - أَيْ شَعْرٌ مِنْ رَأْسِهِ عَلَى مَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ - فَيَتَعَلَّقُ ذَلِكَ الْمِسْكُ فِي تِلْكَ الْجُمَّاتِ وَفِي الْخَيْلِ وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الثِّيَابِ ثُمَّ يُقْبِلُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَإِذَا الْمَرْأَةُ تُنَادِي بَعْضَ أُولَئِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَمَا لَك فِينَا حَاجَةٌ ؟ فَيَقُولُ مَا أَنْتِ وَمَنْ أَنْتِ ؟ فَتَقُولُ أَنَا زَوْجَتُك وَحِبُّك ، فَيَقُولُ مَا كُنْت عَلِمْت بِمَكَانِك ، فَتَقُولُ الْمَرْأَةُ أَوَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } فَيَقُولُ بَلَى وَرَبِّي فَلَعَلَّهُ يَشْتَغِلُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ
أَرْبَعِينَ خَرِيفًا لَا يَلْتَفِتُ وَلَا يَعُودُ ، مَا شَغَلَهُ عَنْهَا إلَّا مَا هُوَ فِيهِ مِنْ النَّعِيمِ وَالْكَرَامَةِ } .
وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْبَزَّارُ : { إذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيَشْتَاقُ الْإِخْوَانُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فَيَسِيرُ سَرِيرُ هَذَا إلَى سَرِيرِ هَذَا وَسَرِيرُ هَذَا إلَى سَرِيرِ هَذَا حَتَّى يَجْتَمِعَا جَمِيعًا فَيَتَّكِئُ هَذَا وَيَتَّكِئُ هَذَا فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ تَعْلَمُ مَتَى غَفَرَ اللَّهُ لَنَا ؟ فَيَقُولُ صَاحِبُهُ نَعَمْ يَوْمَ كُنَّا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَدَعَوْنَا اللَّهَ فَغَفَرَ لَنَا } .
وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : { إنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَخْرُجُ مِنْ أَعْلَاهَا خَيْلٌ وَمِنْ أَسْفَلِهَا خَيْلٌ مِنْ ذَهَبٍ مُسَرَّجَةٌ مُلَجَّمَةٌ مِنْ دُرٍّ وَيَاقُوتٍ لَا تَرُوثُ وَلَا تَبُولُ لَهَا أَجْنِحَةٌ خُطْوَتُهَا مَدُّ الْبَصَرِ فَيَرْكَبُهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فَتَطِيرُ بِهِمْ حَيْثُ شَاءُوا ، فَيَقُولُ الَّذِينَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ دَرَجَةً يَا رَبِّ بِمَ بَلَغَ عِبَادُك هَذِهِ الْكَرَامَةَ كُلَّهَا ؟ قَالَ : فَيُقَالُ لَهُمْ إنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ وَكُنْتُمْ تَنَامُونَ ، وَكَانُوا يَصُومُونَ وَكُنْتُمْ تَأْكُلُونَ ، وَكَانُوا يُنْفِقُونَ وَكُنْتُمْ تَبْخَلُونَ ، وَكَانُوا يُقَاتِلُونَ وَكُنْتُمْ تَجْبُنُونَ } .
وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ : { إذَا سَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ أَتَاهُمْ مَلَكٌ فَيَقُولُ : إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَزُورُوهُ فَيَجْتَمِعُونَ فَيَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ ثُمَّ تُوضَعُ مَائِدَةُ الْخُلْدِ ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا مَائِدَةُ الْخُلْدِ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : زَاوِيَةٌ مِنْ زَوَايَاهَا أَوْسَعُ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَيُطْعَمُونَ ثُمَّ يُسْقَوْنَ ثُمَّ يُكْسَوْنَ ، فَيَقُولُونَ لَمْ يَبْقَ إلَّا النَّظَرُ إلَى وَجْهِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا فَيُقَال لَهُمْ لَسْتُمْ فِي دَارِ عَمَلٍ إنَّمَا فِي دَارِ جَزَاءٍ } .
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ : { إذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنْجِنَا مِنْ النَّارِ ؟ قَالَ : فَكَشَفَ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إلَى رَبِّهِمْ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } } .
وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ قَوِيٍّ وَأَبُو يَعْلَى مُخْتَصَرًا وَرُوَاتُهُ رُوَاةُ الصَّحِيحِ وَالْبَزَّارُ : { أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِي يَدِهِ مِرْآةٌ بَيْضَاءُ فِيهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَقُلْت : مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَذِهِ الْجُمُعَةُ يَعْرِضُهَا عَلَيْك رَبُّك لِتَكُونَ لَك عِيدًا وَلِأُمَّتِك مِنْ بَعْدِك ، قَالَ : مَا لَنَا فِيهَا ؟ قَالَ : لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ لَكُمْ فِيهَا سَاعَةٌ مَنْ دَعَا رَبَّهُ فِيهَا بِخَيْرٍ هُوَ لَهُ قَسْمٌ إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ أَوْ لَيْسَ لَهُ بِقَسْمٍ إلَّا اُدُّخِرَ لَهُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ ، أَوْ تَعَوَّذَ فِيهَا مِنْ شَرٍّ هُوَ لَهُ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ إلَّا أَعَاذَهُ مِنْ أَعْظَمَ مِنْهُ .
قُلْت : مَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ فِيهَا ؟ قَالَ : هَذِهِ السَّاعَةُ تَقُومُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ سَيِّدُ الْأَيَّامِ عِنْدَنَا وَنَحْنُ نَدْعُوهُ فِي الْآخِرَةِ يَوْمَ الْمَزِيدِ ، قَالَ : قُلْت لِمَ تَدْعُونَهُ يَوْمَ الْمَزِيدِ ؟ قَالَ : إنَّ رَبَّك عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفَيْحَ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ وَإِنَّهُ تَعَالَى يَتَجَلَّى فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَدْ جَلَسَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ حُفَّتْ بِكَرَاسِيّ مِنْ ذَهَبٍ لِلصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَبَقِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى الْكُثُبِ ، فَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ تَعَالَى وَهُوَ يَقُولُ : أَنَا الَّذِي صَدَقْتُكُمْ وَعْدِي وَأَتْمَمْت عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي هَذَا مَحَلُّ كَرَامَتِي مَا سَأَلُونِي فَيَسْأَلُونَهُ الرِّضَا ، فَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ : رِضَايَ أَنْ أُحِلَّكُمْ دَارِي وَتَنَالَكُمْ كَرَامَتِي فَاسْأَلُونِي ،
فَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ رَغْبَتُهُمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ إلَى مِقْدَارِ مُنْصَرَفِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَيْسُوا إلَى شَيْءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِيَزْدَادُوا فِيهِ كَرَامَةً وَلِيَزْدَادُوا فِيهِ نَظَرًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلِذَلِكَ دُعِيَ يَوْمَ الْمَزِيدِ } .
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مُطَوَّلًا .
وَفِيهِ : { إنَّ الْجَنَّةَ لَيْسَ فِيهَا لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ عَلِمَ مِقْدَارَ ذَلِكَ وَسَاعَاتِهِ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِي الْحِينِ الَّذِي يَبْرُزُ أَوْ يَخْرُجُ فِيهِ أَهْلُ الْجُمُعَةِ إلَى جُمُعَتِهِمْ يُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ اُخْرُجُوا إلَى دَارِ الْمَزِيدِ لَا يَعْلَمُ سَعَتَهُ وَعَرْضَهُ وَطُولَهُ إلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَخْرُجُونَ فِي كُثْبَانٍ مِنْ الْمِسْكِ ، قَالَ حُذَيْفَةُ : وَإِنَّهُ لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ دَقِيقِكُمْ هَذَا فَيَخْرُجُ غِلْمَانُ الْأَنْبِيَاءِ بِمَنَابِرَ مِنْ نُورٍ وَيَخْرُجُ غِلْمَانُ الْمُؤْمِنِينَ بِكَرَاسِيَّ مِنْ يَاقُوتٍ ، فَإِذَا وُضِعَتْ لَهُمْ وَأَخَذَ الْقَوْمُ مَجَالِسَهُمْ بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ رِيحًا تُدْعَى الْمُثِيرَةَ تُثِيرُ عَلَيْهِمْ الْمِسْكَ الْأَبْيَضَ فَتُدْخِلُهُ مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِمْ وَتُخْرِجُهُ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ فَتِلْكَ الرِّيحُ أَعْلَمُ كَيْفَ تَصْنَعُ بِذَلِكَ الْمِسْكِ مِنْ امْرَأَةِ أَحَدِكُمْ إذَا دَفَعَ إلَيْهَا كُلَّ طِيبٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَكَانَتْ تِلْكَ الرِّيحُ أَعْلَمَ كَيْفَ تَصْنَعُ بِذَلِكَ الْمِسْكِ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا ذَلِكَ الطِّيبَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
قَالَ : ثُمَّ يُوحِي اللَّهُ سُبْحَانَهُ إلَى حَمَلَةِ الْعَرْشِ فَيُوضَعُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْجَنَّةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ الْحُجُبُ فَيَكُونُ أَوَّلُ مَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ : أَيْنَ عِبَادِي الَّذِينَ أَطَاعُونِي بِالْغَيْبِ وَلَمْ يَرَوْنِي وَصَدَّقُوا رُسُلِي وَاتَّبَعُوا أَمْرِي
فَسَلُونِي ، فَهَذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ فَتَتَّفِقُ كَلِمَتُهُمْ رَبَّنَا رَضِينَا عَنْك فَارْضَ عَنَّا فَيُجِيبُهُمْ لَوْلَا رَضِيت عَنْكُمْ مَا أَسْكَنْتُكُمْ جَنَّتِي فَاسْأَلُونِي فَهَذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ فَتَتَّفِقُ كَلِمَتُهُمْ رَبَّنَا أَرِنَا نَنْظُرْ إلَيْك فَيَكْشِفُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْحُجُبَ وَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَغْشَاهُمْ مِنْ نُورِهِ شَيْءٌ لَوْلَا أَنَّهُ قَضَى عَلَيْهِمْ أَلَّا يَحْتَرِقُوا لَاحْتَرَقُوا مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ ارْجِعُوا إلَى مَنَازِلِكُمْ فَيَرْجِعُونَ إلَى مَنَازِلِهِمْ وَقَدْ خَفَوْا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وَخَفَيْنَ عَلَيْهِمْ مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَإِذَا صَارُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ وَتَرَادَّ النُّورُ وَأَمْكَنَ وَتَرَادَّ وَأَمْكَنَ حَتَّى يَرْجِعُوا إلَى صُوَرِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فَيَقُولُ لَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ لَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا عَلَى صُورَةٍ وَرَجَعْتُمْ عَلَى غَيْرِهَا ، فَيَقُولُونَ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَجَلَّى لَنَا فَنَظَرْنَا مِنْهُ إلَى مَا خَفَيْنَا بِهِ عَلَيْكُمْ فَلَهُمْ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ الضِّعْفَ عَلَى مَا كَانُوا وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } } .
وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ : { إنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ إلَى جِنَانِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَنَعِيمِهِ وَخَدَمِهِ وَسُرُرِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ مَنْ يَنْظُرُ إلَى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } } .
وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : { إنَّ أَفْضَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً مَنْ يَنْظُرُ إلَى وَجْهِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ } .
وَالشَّيْخَانِ : { إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْك ، فَيَقُولُ : هَلْ
رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبَّنَا وَقَدْ أَعْطَيْتنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِك ، فَيَقُولُ أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُونَ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا } .
وَالشَّيْخَانِ : { قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } } .
وَصَحَّ : { قَدْرُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا ، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا ، وَلَنَصِيفُ امْرَأَةٍ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا } .
وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : { لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ مِمَّا فِي الدُّنْيَا إلَّا الْأَسْمَاءَ } .
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ : { إذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ نَادَى مُنَادٍ آنَ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا ، وَآنَ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا ، وَآنَ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا ، وَآنَ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } } .
وَالشَّيْخَانِ { يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ - أَيْ يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ لِيَنْظُرُوا - فَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ وَكُلُّهُمْ قَدْ رَأَوْهُ ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ ، فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ وَكُلُّهُمْ قَدْ رَأَوْهُ فَيُذْبَحُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، ثُمَّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ بِلَا مَوْتٍ وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ
بِلَا مَوْتٍ ثُمَّ قَرَأَ : { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى الدُّنْيَا } ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا : { ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فَيَقُولُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ كُلٌّ خَالِدٌ فِيمَا هُوَ فِيهِ } .
جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِينَ أَحَلَّ عَلَيْهِمْ رِضْوَانَهُ وَأَدَامَ لَهُمْ جُودَهُ وَكَرَمَهُ وَإِحْسَانَهُ ، وَآمَنَنَا فِي الدَّارَيْنِ مِنْ سَائِرِ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ آمِينَ آمِينَ آمِينَ .
وَهَذَا آخِرُ مَا قَصَدْته وَتَمَامُ مَا أَرَدْته وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَبَاطِنًا وَظَاهِرًا .
يَا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِك وَعَظِيمِ سُلْطَانِك سُبْحَانَك لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك ، فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِمًا أَبَدًا حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَك وَيُكَافِئُ مَزِيدَك عَدَدَ خَلْقِك وَرِضَاءَ نَفْسِك وَزِنَةَ عَرْشِك وَمِدَادَ كَلِمَاتِك ، وَصَلِّ يَا رَبَّنَا وَسَلِّمْ وَبَارِكْ أَفْضَلَ صَلَاةٍ وَأَزْكَى سَلَامٍ وَأَعْظَمَ بَرَكَةٍ عَلَى عَبْدِك وَنَبِيِّك وَرَسُولِك أَشْرَفِ الْخَلْقِ وَرَسُولِ الْحَقِّ الْمُؤَيَّدِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِالصِّدْقِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ، كَمَا صَلَّيْت وَسَلَّمْت وَبَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ عَدَدَ خَلْقِك وَرِضَاءَ نَفْسِك وَزِنَةَ عَرْشِك وَمِدَادَ كَلِمَاتِك كُلَّمَا ذَكَرَك وَذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِك وَذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
Tidak ada komentar:
Posting Komentar