Jumat, 12 Desember 2014

إياك نعبد وإياك نستعين



 TAFSIR SURAT FATIHAH AYAT 5

إياك نعبد وإياك نستعين

قدمت العبادة علي الاستعانة لان تقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة اقرب الي الاجابة

1. Tafsir Ruhul Bayan
 
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
{ اياك نعبد واياك نستعين } بنى الله سبحانه اول الكلام على ما هو مبادى حال العارف من الذكر والفكر والتأمل فى اسمائه والنظر فى آلائه والاستدلال بصنائعه على عظيم شانه وتأثير سلطانه ثم قفى بما هو منتهى امره وهوان يخوض لجة الوصول ويصير من اهل المشاهدة فيراه عيانا ويناجيه شفاها اللهم اجعلنا من الواصلين الى العين دون السامعين للاثر . وفيه اشارة ايضا الى ان العابد ينبغى ان يكون نظره الى المعبود اولا وبالذات ومنه الى العبادة لا من حيث انها عبادة صدرت منه بل من حيث انها نسبة شريفة ووصلة بينه وبين الحق فان العارف انما يحق وصوله اذا استغرف فى ملاحظة جناب القدس وغاب عما عداه حتى انه لا يلاحظ نفسه ولا حالا من احوالها الا من حيث انها ملاحظة له ومنتسب اليه ولذلك فضل ما حكى عن حبيبه حين قال { لا تحزن ان الله معنا } على ما حكاه عن كليمه حيث قال { ان معى ربى سيهدين } وتقديم المفعول لقصد الاختصاص اى تخصك بالعبادة لا نعبد غيرك والعبادة غاية الخضوع والتذلل .
وعن عكرمة جميع ما ذكر فى القرآن من العبادة التوحيد ومن التسبيح الصلاة ومن القنوت الطاعة .
وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل عليه السلام قال للنبى صلى الله عليه وسلم قل يا محمد { اياك نعبد } اى اياك نؤمل ونرجوا لا غيرك والضمير المستكن فى { نعبد } وكذا فى { نستعين } للقارئ ومن معه من الحفظة وحاضرى صلاة الجماعة او له ولسائر الموحدين ادرج عبادته فى تضاعيف عبادتهم وخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها وتجاب ولهذا شرعت الجماعة قال الشيخ الاكبر والمسك الاذفر قد سنا الله بسره الاطهر فى كتاب العظمة اذا كنى العبد عن نفسه بنون نفعل فليست بنون التعظيم واذا كنى عن الحق تعالى بضمير الافراد فان ذلك لغلبه سلطان التوحيد فى قلب هذا العبد وتحققه به حتى سرى فى كليته فظهر ذلك فى نطقه لفظا كما كان عقدا وعلما ومشاهدة وعيعنا وهذه النون نون الجمع فان العبد وان كان فرد انى اللطيفة وحدانى الحقيقة فانه غير وحدانى ولا فرد انى من حيث لطيفته ومركبها وهيكلها وقالبها وما من جزء فى الانسان الا والحق تعالى قد طالب الحقيقة الربانية التى فيه ان تلقى على هذه الجزاء ما يليق بها من العبادات وهى فى الجملة وان كانت المدبرة فلها تكاليف يخصها ويناسب ذاتها فلهذه الجميعة يقول العبد لله تعالى نصلى ونسجد واليك نسعى ونحفد واياك نعبد وامثال هذا الخطاب ولقد سألنى سائل من علماء الرسوم عن هذه المسئلة وكان قد حار فيها فاجبته باجوبة منها هذا فشفى غليله والحمد لله انتهى كلام الشيخ قدس سره وانما خصص العبادة به تعالى لان العبادة نهاية التعظيم فلا تليق الا بالمنعم فى الغاية وهو المنعم بخلق المنتفع وباعطاء الحياة الممكنة من الانتفاع كما قال تعالى

(1/14)

{ وكنتم امواتا فاحياكم } الآية { وخلق لكم ما فى الارض جميعا } ولان احوال العبد ماض وحاضر ومستقبل ففى الماضى نقله من العدم والموت والعجز و الجهل الى الوجود والحياة والقدرة والعلم بقدرته الازلية وفى الحاضر انفتحت عليه ابواب الحاجات ولزمته اسباب الضروريات فهو رب الرحمن الرحيم وفى المستقبل مالك يوم الدين يجازيه باعماله فمصالحه فى الاحوال الثلاثة لا تستتب الا بالله فلا مستحق للعبادة الا الله تعالى . ثم قوله { نعبد } يحتمل ان يكون من العبادة ومن العبودة والعبادة هى العابدية والعبودة هى العبدية . فمن العبادة الصلاة بلا غفلة والصوم بلا غيبة والصدقة بلا منة والحج بلا اراءة والغزو بلا سمعة والعتق بلا اذية والذكر بلا ملالة وسائر الطاعات بلات آفة . ومن العبودة الرضى بلا خصومة والصبر بلا شكاية واليقين بلا شبهة والشهود بلا غيبة والاقبال بلا رجعة والايصال بلا قطيعة . واقسام العبادة على ما ذكره حجة الاسلام فى كتابه المسمى بالاربعين عشرة كما ن الاعتقاد التى قبلها عشرة فالمعتقدات الذات الازلية الابدية المنعوتة بصفات الجلال والاكرام الذى هو الاول والآخر والظاهر والباطن اى الاول بوجوده والآخر بصفاته وافعاله والظاهر بشهادته ومكوناته والباطن بغيبه ومعلوماته ثم التقديس عما لا يليق بكماله او يشين بجماله من النقائص والرذائل ثم القدرة الشاملة للممكنات ثم العلم المحيط بجميع المعلومات حتى بدبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء وما هو اخفى منه كهواجس الضمائر وحركات الخواطر وخفيات السرائر ثم الارادة بجميع الكائنات ثم السمع والبصر لا يحجب سمعه بعد ولا رؤيته ظلام فيسمع من غير اصمخة وآذان ويبصر من غير حدقة واجفان . ثم الكلام الازلى القائم بذاته لا بصوت ككلام الخلق وان القرآن مقروء ومكتوب ومحفوظ ومع ذلك من غير شكل ولا لون . ثم الافعال الموصوفة بالعدل المحضن فلا موجود الا وهو حادث بفعله وفائض من عدله اذا لا يضاف لغيره ملكيا ليكون تصرفه فيه ظلما فلا يتصور منه ظلم ولا يجب عليه فعل فكل نعمة من فضله وكل نقمه من عدله . ثم اليوم الآخر . والعاشر النبوة المشتملة على الرسال الملائكة وانزال الكتب * واما العبادات العشرة فالصلاة والزكاة والصوم والحج وقراءة القرآن وذكر الله فى كل حال وطلب الحلال والقيام بحقوق المسلمين وحقوق الصحبة والتاسع الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والعاشر اتباع السنة وهو مفتاح السعادة وامارة محبة الله كما قال تعالى « قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله » قال المولى الجامى قدس سره
(1/15)

يا نبى الله السلام عليك ... انما الفوز والفلاح لديك
كرنرفتم طريق سنت تو ... هستم از عاصيان امت توو
ما نده ام زير بار عصيان بست ... افتم ازابى اكرنكيرى دست
وجاء فى بيان مراتب العباد المتوجهين إلى الله ان الانسان اذا فعل برا ان قصد به امرا ما غير الحق كان من الاحرار لا من العبيد وان لم يقصد امرا بعينه بل يفعله لكونه خيرا فقط ولكونه مأمورا به لا مطلقا بل من حيث الحضور منه مع الآخر فهو الرجل فان ارتقى بحيث لا يقصد بعمله غير الحق كان تماما في الرجولية فان كان بحيث لا يفعل شيأ الا بالحق كما ورد فى قرب النوافل صار تاما فى المعرفة والرجولية وان انضم الى ما سبق حضوره مع الحق فى فعله بحيث يشهده بعين الحق لا بنفسه من حيث اضافة الشهود الى الله والفعل والاضافة اليه الا الى نفسه فهو العبد المخلص عمله فان ظهرت عليه غلبة احكام هذه المقام والذي قبله وهو مقام فبى يسمع غير متقيد بشئ منها ولا بمجموعها مع سريان حكم شهوده الاحدى فى كل مرتبة ونسبة دون الثبات على امر بعينه بل ثابتا فى سعته وقبوله كل وصف وحكم عن علم صحيح منه بما اتصف به وما انسلخ عنه فى كل وقت وحال دون غفلة وحجاب فهو الكامل فى العبودية والخلافة والاحاطة والاطلاق كذا فى تفسير الفاتحة للصدر القنوى قدس سره قال فى التأويلات النجمية فى قوله { اياك نعبد } رجع الى الخطاب من الغيبة لانه ليس بين الملوك ومالكه الاحجاب ملك نفس المملوك فاذا عبر من حجاب ملك النفس وصل الى مشاهدة مالك النفس كما قال ابو يزيد فى بعض مكاشفاته الهى كيف السبيل اليك قال له ربه دع نفسك وتعالى فللنفس اربع صفات امارة ولوامة وملهمة ومطمئنة فامر العبد المملوك بان يذكر مالكه باربع صفات بالصفة والالهية والربوبية والرحمانية والرحيمية فيعبر بعد مدح الالهية وشكر الربوبية وثناء الرحمانية وتمجيد الرحيمية بقوة جذبات هذه الصفات الاربع من حجاب ممالك الصفات الاربع للنفس فيتخلص من ظلمات ليلة رين نفسه بطلوع صبح صادق مالك يوم الدين فيبقى العبد عبدا مملوكا لا يقدر على شئ فيرحمه مالكه ويذكره بلسان كرمه على قضية وعده { فاذكرونى اذكركم } ويناديه ويخاطب نفسه { يا ايتها النفس المطمئنة } ثم يجذبه من غيبة نفسه الى شهود مالكية ربه بجذبة { ارجعى إلى ربك } فيشاهد جمال مالكه ويناديه نداء عبد خاضع خاشع ذليل عاجز كما قرأ بعضهم مالك يوم الدين نصبا على نداء اياك نعبد . واعلم ان النفس دنيوية تعبدو هواها الدنيوى لقوله تعالى { أفرأيت من اتخذ الهه هواه } والقلب اخروى يعبد الجنة لقوله تعالى { ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هى المأوى } والروح قربى يعبد القربة والعندية لقوله تعالى

(1/16)

{ فى مقعد صدق عند مليك مقتدر } والسر حضرتى يعبد الحق تبارك لقوله تعالى على لسان نبيه عليه السلام « الاخلاص سر بينى وبين عبدى لا يسعه فيه مل كمقرب ولا نبى مرسل » فلما انعم الله على عبده بنعمة الصلاة قسمها بينه وبين عبده كما قال تعالى على لسان نبيه عليه السلام « قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين فنصفها لى ونصفها لعبدى ولعبدى ما سأل » فتقرب العبد بنفصفه الى حضرة كماله بالحمد وةالثناء والشكر على صفات جماله وجلاله وتقرب الرب على مقتضى كرمه وانعامه كما قال « من تقرب الى الله شبرا تقربت اليه ذراعا » بنصفه الى خلاص عبده من رق عبودية الاغيار باخراجه من ظلمات بعضها فوق بعض من هوى الناس وسموات القلب وعرش الروح وكرسى السر بنور ربها فآمنوا كلهم اجمعون بالله الذي خلقهم وهو مالكهم وملكهم وكفروا بطواغيتهم التى يعبدونها واستمسكوا بالعروة الوثقى وجعلوا كلهم واحدا وقالوا { ايك نعبد واياك نستعين } كرر اياك للتنصيص على اختصاصه تعالى بالاستعانة ايضا والاستعانة طلب العون ويعدى بالباء وبنفسه اى نطلب العون على عبادتك اون على ما لا طاقة لنابه او على مالا طاقة لنا به او على محاربة الشيطان المانع من عبادتك او فى امورنا بما يصلحنا فى دنيانا وديننا والجامع للاقاويل نسألك ان تعيننا على اداء الحق واقامة الفروض وتحمل المكاره وطلب المصالح وتقديم العبادة على الاستعانة ليوافق رؤوس الآيى وليعلم منه ان تقديم الوسيلة على طلب الحاجة ادعى الى الاجابة واياك نعبد لما ورثه العجب اردف اياك نستعين ازالة له وافناء للنخوة . ففى الجمع بينهما افتخار وافتقار فالافتخار بك اذ فيه اثبات الفعل من العبد والتوفيق من الله كالخلق ففيه رد الجبرية النافين للفعل نما لعبد بقوله اياك نعبد ورد المعتزلة النافين للتوفيق والخلق من الله بقوله اياك نستعين ثم تحقيقهما من العبد ان لا يخدم غير الله ولا يسأل الامن الله - حكى - عن سفيان الثورى رحمه الله انه ام قوما فى صلاة المغرب فلما قال { اياك نعبد واياك نستعين } خر مغشيا عليه فلما افاق قيل له فى ذلك فقال خفت ان يقال فلم تذهب الى ابواب الاطباء والسلاطين .
وفى تخصيص الاستانة بالتقديم اقتداء بالخليل عليه السلام فى قدي النمرود حيث قال له جبريل عليه السلام هل لك من حاجة فقال اما اليك فلا فقال سله قال حسبى من سؤالى علمه بحالى بل زدت عليه فان الخليل قيد رجلاه ويداه لا غير فاما انا فقيدت الرجلين فلا اسير واليدين فلا احركهما وعينى فلا انظر بهما واذنى فلا اسمع بهما ولسانى فلا اتكلم به وانا مشرف على نار جهنم فكما لم يرض الخليل بغيرك معينا لا اريد الاعونك فاياك نستعين وكانه تعالى يقول فنحن ايضا نزيد حيث قلنا ثمة يا نار كونى بردا وسلاما على ابراهيم واما انت فقد نجيناك من النار واوصلناك الى الجنة زدنا سماع الكلام القديم وامرنا نار جهنم تقول لك جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى : قال المولى جلال الدين قدس سره
زآتش مؤمن ازين رو اى صفى ... ميشود دوزخ ضعيف ومنطفى
كويدش بكذر سبك اى محتشم ... ورنه زآتشهاى تو مرد آتشم


http://www.daraleman.org/forum/uploads/RuhAlbayan/1.html

2. Tafsir Fathul Qodir

قراءة السبعة وغيرهم بتشديد الياء ، وقرأ عمرو بن فايد بتخفيفها مع الكسر ، وقرأ الفضل والرقاشي بفتح الهمزة ، وقرأ أبو السوار الغنوي هياك في الموضعين وهي لغة مشهورة .

والضمير المنفصل هو إيا وما يلحقه من الكاف والهاء والياء هي حروف لبيان الخطاب والغيبة والتكلم ، ولا محل لها من الإعراب كما ذهب إليه الجمهور ، وتقديمه على الفعل لقصد الاختصاص ، وقيل : للاهتمام ، والصواب أنه لهما ولا تزاحم بين المقتضيات .

والمعنى : نخصك بالعبادة ونخصك بالاستعانة لا نعبد غيرك ولا نستعينه ، والعبادة أقصى غايات الخضوع والتذلل .

قال ابن كثير : وفي الشرع عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف ، وعدل عن الغيبة إلى الخطاب لقصد الالتفات ، لأن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى آخر كان أحسن تطرية لنشاط السامع وأكثر إيقاظا له كما تقرر في علم المعاني .

والمجيء بالنون في الفعلين لقصد الإخبار من الداعي عن نفسه وعن جنسه من العباد ، وقيل : إن المقام لما كان عظيما لم يستقل به الواحد استقصارا لنفسه واستصغارا لها ، فالمجيء بالنون لقصد التواضع لا لتعظيم النفس ، وقدمت العبادة على الاستعانة لكون الأولى وسيلة إلى الثانية ، وتقديم الوسائل سبب لتحصيل المطالب ، وإطلاق الاستعانة لقصد التعميم .

وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إياك نعبد : يعني إياك نوحد ونخاف يا ربنا لا غيرك ، وإياك نستعين على طاعتك وعلى أمورنا كلها .

وحكى ابن كثير عن قتادة أنه قال في إياك نعبد وإياك نستعين : يأمركم أن تخلصوا له العبادة وأن تستعينوه على أمركم .

وفي صحيح مسلم من حديث المعلى بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يقول الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل ، إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال : حمدني عبدي ، وإذا قال الرحمن الرحيم قال : أثنى علي عبدي ، فإذا قال : مالك يوم الدين قال : مجدني عبدي ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل .

وأخرج أبو القاسم البغوي والباوردي معا في معرفة الصحابة والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزاة فلقي العدو فسمعته يقول : يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين ، قال : فلقد رأيت الرجال تصرع فتضربها الملائكة من بين يديها ومن خلفها " . 


http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=7&idto=7&bk_no=66&ID=9

3. Tafsir Zamakhsyari 


{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}
{إيا} ضمير منفصل للمنصوب، واللواحق التي تلحقه من الكاف والهاء والياء في قولك: إياك، وإياه، وإياي، لبيان الخطاب والغيبة والتكلم، ولا محل لها من الإعراب، كما لا محل للكاف في أرأيتك، وليست بأسماء مضمرة، وهو مذهب الأخفش وعليه المحققون، وأما ما حكاه الخليل عن بعض العرب: «إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب» فشيء شاذ لا يعوّل عليه، وتقديم المفعول لقصد الاختصاص، كقوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ الله تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ} [الزمر: 64]، {قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِى رَبّا} [الأنعام: 164]. والمعنى نخصك بالعبادة، ونخصك بطلب المعونة. وقرئ: {إياك} بتخفيف الياء، وأياك بفتح الهمزة والتشديد، وهياك بقلب الهمزة هاء. قال طفيل الغنوي:
فهَيَّاكَ والأَمْرَ الَّذِي إنّ تَرَاحَبَتْ *** مَوَارِدُهُ ضاقَتْ عليْكَ مَصادِرُه
والعبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل. ومنه: ثوب ذو عبدة إذا كان في غاية الصفاقة وقوّة النسج، ولذلك لم تستعمل إلا في الخضوع لله تعالى، لأنه مولى أعظم النعم فكان حقيقاً بأقصى غاية الخضوع.
فإن قلت: لم عدل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب؟ قلت: هذا يسمى الالتفات في علم البيان قد يكون من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى التكلم، كقوله تعالى: {حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم} [يونس: 22]. وقوله تعالى: {والله الذى أَرْسَلَ الرياح فَتُثِيرُ سحابا فَسُقْنَاهُ} [فاطر: 9]. وقد التفت امرؤ القيس ثلاث التفاتات في ثلاثة أبيات:
تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بالأَثْمَدِ *** ونَامَ الخَلِيُّ ولَم تَرْقُد
وبَاتَ وباتَتْ لَهُ لَيْلةٌ *** كلَيْلَةِ ذِي العائرِ الأرْمَدِ
وذلك مِنْ نَبَإ جَاءَني *** وخبِّرْتُهُ عنْ أَبي الأَسوَدِ
وذلك على عادة افتتانهم في الكلام وتصرفهم فيه، ولأنّ الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب، كان ذلك أحسن تطرية لنشاط السامع، وإيقاظاً للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد، وقد تختص مواقعه بفوائد. ومما اختص به هذا الموضع: أنه لما ذكر الحقيق بالحمد، وأجرى عليه تلك الصفات العظام، تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن حقيق بالثناء وغاية الخضوع والاستعانة في المهمات، فخوطب ذلك المعلوم المتميز بتلك الصفات، فقيل: إياك يا من هذه صفاته نخص بالعبادة والاستعانة، لا نعبد غيرك ولا نستعينه، ليكون الخطاب أدل على أنّ العبادة له لذلك التميز الذي لا تحق العبادة إلا به.
فإن قلت: لم قرنت الاستعانة بالعبادة؟ قلت: ليجمع بين ما يتقرّب به العباد إلى ربهم وبين ما يطلبونه ويحتاجون إليه من جهته.
فإن قلت: فلم قدّمت العبادة على الاستعانة؟ قلت: لأنّ تقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة ليستوجبوا الإجابة إليها.
فإن قلت: لم أطلقت الاستعانة؟ قلت: ليتناول كل مستعان فيه، والأحسن أن تراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة، ويكون قوله: {اهدنا} بياناً للمطلوب من المعونة، كأنه قيل: كيف أعينكم؟ فقالوا: اهدنا الصراط المستقيم، وإنما كان أحسن لتلاؤم الكلام وأخذ بعضه بحجزة بعض.
وقرأ ابن حبيش: {نستعين}، بكسر النون. 

 http://www.al-eman.com/%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%85%D8%AE%D8%B4%D8%B1%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A9/t20&s1&p22?d-2619820-p=2

4. Tafsir Baidhowy

5 - { إياك نعبد وإياك نستعين } ثم إنه لما ذكر الحقيق بالحمد ووصف بصفات عظام تميز بها عن سائر الذوات وتعلق العلم بمعلوم معين خوطب بذلك أي : يا من هذا شأنه نخصك بالعبادة والاستعانة ليكون أدل على الاختصاص وللترقي من البرهان إلى العيان والانتقال من الغيبة إلى الشهود فكأن المعلوم صار عيانا والمعقول مشاهدا والغيبة حضورا بنى أول الكلام على ما هو مبادي حال العارف من الذكر والتأمل في أسمائه والنظر في آلائه والاستدلال بصنائعه على عظيم شأنه وباهر سلطانه ثم قفى بما هو منتهى أمره وهو أن يخوض لجة الوصول ويصير من أهل المشاهدة فيراه عيانا ويناجيه شفاها
اللهم اجعلنا من الواصلين للعين دون السامعين للأثر ومن عادة العرب التفنن في الكلام والعدول من أسلوب إلى آخر تطرية له وتنشيطا للسامع فيعدل من الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى التكلم وبالعكس كقوله تعالى : { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم } وقوله : { والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه } وقول امرئ القيس :
( تطاول ليلك بالإثمد ... ونام الخلي ولم ترقد )
( وبات وباتت له ليلة ... كليلة ذي العائر الأرمد )
( وذلك من نبأ جاءني ... وخبرته عن أبي الأسود )
وإيا ضمير منصوب منفصل وما يلحقه من الياء والكاف والهاء حروف زيدت لبيان التكلم والخطاب والغيبة لا محل لها من الإعراب كالتاء في أنت والكاف في أرأيتك وقال الخليل : إيا مضاف إليها واحتج بما حكاه عن بعض العرب إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب وهو شاذ لا يعتمد عليه وقيل : هي الضمائر وإيا عمدة فإنها لما فصلت عن العوامل تعذر النطق بها مفردة فضم إليها إيا لتستقل به وقيل : الضمير هو المجموع وقرئ { إياك } بفتح الهزة و { إياك } بقلبها هاء
والعبادة : أقصى غاية الخضوع والتذلل ومنه طريق معبد أي مذلل وثوب ذو عبدة إذا كان في غاية الصفاقة ولذلك لا تستعمل إلا في الخضوع لله تعالى
والاستعانة : طلب المعونة وهي : إما ضرورية أو غير ضرورية والضرورية ما لا يتأنى الفعل دونه كاقتدار الفاعل وتصوره وحصول آلة ومادة يفعل بها فيها وعند استجماعها يوصف الرجل بالاستطاعة ويصح أن يكلف بالفعل وغير الضرورية تحصيل ما يتيسر به الفعل ويسهل كالراحلة في السفر للقادر على المشي أو يقرب الفاعل إلى الفعل ويحثه عليه وهذا القسم لا بتوقف عليه صحة التكليف والمراد طلب المعونة في المهمات كلها أو في أداء العبادات والضمير المستكن في الفعلين للقارئ ومن معه من الحفظة وحاضري صلاة الجماعة أو له ولسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عباداتهم وخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها ويجاب إليها ولهذا شرعت الجماعة وقدم المفعول للتعظيم والاهتمام به والدلالة على الحصر ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما ) معناه نعبدك ولا نعبد غيرك ( وتقديم ما هو مقدم في الوجود والتنبيه على أن العابد ينبغي أن يكون نظره إلى المعبود أولا وبالذات ومنه إلى العبادة لا من حيث إنها عبادة صدرت عنه بل من حيث إنها نسبة شريفة إليه ووصله سنية بينه وبين الحق فإن العارف إنما يحق وصوله إذا استغرق في ملاحظة جناب القدس وغاب عما عداه حتى إنه لا يلاحظ نفسه ولا حالا من أحوالها إلا من حيث إنها ملاحظة له ومنتسبة إليه ولذلك فضل ما حكى الله عن حبيبه حين قال : { لا تحزن إن الله معنا } على ما حكاه عن كليمه حين قال : { إن معي ربي سيهدين } وكرر الضمير للتنصيص على أنه المستعان به لا غير وقدمت العبادة على الاستعانة ليتوافق رؤوس الآي ويعلم أن تقديم الوسيلة على طلب الحاجة أدعى وأقول : لما نسب المتكلم العبادة إلى نفسه أوهم ذلك تبجحا و اعتدادا منه بما يصدر عنه فعقبه بقوله : { وإياك نستعين } ليدل على أن العبادة أيضا مما لا يتم ولا يستتب له إلا بمعونة منه وتوفيق وقيل : الواو للحال والمعنى نعبدك مستعين بك وقرئ بكسر النون فيهما وهي لغة بني تميم فإنهم يكسرون حروف المضارعة سوى الياء إذا لم ينضم ما بعدها


http://islamport.com/w/tfs/Web/2406/6.htm

5. Tafsir Al-Bahru Al-Muhith

وفسرت العبادة في إياك نعبد بأنها التذلل والخضوع ، وهو أصل موضوع اللغة أو الطاعة ، كقوله تعالى : { لا تعبد الشيطان } ، أو التقرب بالطاعة أو الدعاء أن الذين يستكبرون عن عبادتي ، أي عن دعائي ، أو التوحيد إلا ليعبدون أي ليوحدون ، وكلها متقاربة المعنى.
وقرنت الاستعانة بالعبادة للجمع بين ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى ، وبين ما يطلبه من جهته.
وقدمت العبادة على الاستعانة لتقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة لتحصل الإجابة إليها ، وأطلق العبادة والاستعانة لتتناول كل معبود به وكل مستعان عليه.
وكرر إياك ليكون كل من العبادة والاستعانة سِيْقا في جملتين ، وكل منهما مقصودة ، وللتنصيص على طلب العون منه بخلاف لو كان إياك نعبد ونستعين ، فإنه كان يحتمل أن يكون إخباراً بطلب لعون ، أي وليطلب العون من غير أن يعين ممن يطلب.
.
ونقل عن المنتمين للصلاح تقييدات مختلفة في العبادة والاستعانة ، كقول بعضهم : إياك نعبد بالعلم ، وإياك نستعين عليه بالمعرفة ، وليس في اللفظ ما يدل على ذلك.
وفي قوله : نعبد قالوا رد على الجبرية ، وفي نستعين رد على القدرية ، ومقام العبادة شريف ، وقد جاء الأمر به في مواضع ، قال تعالى : { واعبد ربك } { اعبدوا ربكم } ، والكناية به عن أشرف المخلوقين صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده } { وما أنزلنا على عبدنا } ، وقال تعالى ، حكاية عن عيسى ، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام { قال إني عبد الله } وقال تعالى وتقدس : { لا إله إلا أنا فاعبدني } فذكر العبادة عقيب التوحيد ، لأن التوحيد هو الأصل ، والعبادة فرعه.
وقالوا في قوله : إياك.
رد على الدهرية والمعطلة والمنكرين لوجود الصانع ، فإنه خطاب لموجود حاضر.


http://islamport.com/w/tfs/Web/1435/16.htm

Wallahu Warosuluhu A'lamu



Tidak ada komentar:

Posting Komentar

Qonun Asasi Nahdlatul 'Ulama

  MUQODDIMAH_QONUN_ASASI_NU (Pendahuluan Fondasi Dasar Jam'iyyah NU)   Jam'iyyah Nahdhotul 'Ulama' mempunyai garis...